مواقف مرت بى


  • كنت أشاهد التلفزيون مع أمير، وكنت استرق النظر إلى وجهه من حين لأخر، كان يبدو هادئا لكن كنت أعرف أنه غاضب مني لأني رفضت أن أصنع معه كحك العيد الذي قال إنه تعود على مشاركة والدته في صنعه، بل وقال صراحة إن لم نصنعه معا فلن يشتري أي كحك لنا هذا العام.    (هو وهي: كحك العيد)

    لكن أنا لدي أسباب منطقية لهذا الرفض، أولا أنا لا أجيد صنع الحلوى، جل ما استطيع فعله في عالم الحلويات هو كيكة البرتقال فقط، ثانيا ماذا لو حاولت وفشلت؟ سنكون قد انفقنا أموالا في غير موضعها وسنضطر لشراء غيره، ثالثا موضوع صنع الكحك ليس بتلك السهولة التي يتخيلها زوجي، كان هو يشارك في مرحلة النقش على الكحك فقط، لكنه لم يشترك في وضع المقادير وصنع العجين والذهاب بالصواجن إلى الفرن والعودة بها مرة أخرى إلى المنزل. رابعا والأهم، ما تلك النبرة "إذا لم تفعلي كذا، لن أفعل أنا كذا"، لا أحب النبرات التهديدية.

    نظرت إلى وجهه مرة أخرى وابتسمت، أكيد أمير لا يقصد لا نبرة تهديدية ولا غيرها، هو فقط مثل الأطفال، يقولون كلاما لا يعنونه عند نوبات غضبهم، يتهمني طوال الوقت أني طفلة كبيرة وهو مثلي تماما. ثم تذكرت عندما أسعدنيبالفانوس وعندما اشترى
    امن كحك العيد وطفلي الكبير

  • اتفقتم مع بسمة علي أن هناك رموزا لا تقل قيمتها مع مرور السن مثل لبس العيد، وقرأت تعليقاتكم عن حجم السعادة التي تسببها أشياء مثل شراء لبس جديد للعيد، حسنا أتفق معكم تماما تماما ولدي سر لأشارككم إياه، هناك أمر ما يدخل علي السعادة أنا أيضا مع أيام العيد، نعم إنه كحك العيد.

    تلك الدوائر المغطاة بالسكر الأبيض، وبعضها المحشو بالتمر أو الملبن، هذه البسكوتات الطويلة المزينة، أشياء تحمل في قلبي ذكريات سعيدة لا تكتمل فرحة عيد الفطر لدي من دونها، كما لا تكتمل فرحة عيد الأضحى من دون كبش الأضحية، ولا يتوقف الأمر على أكل كحك العيد وغيره من المخبوزات الشرقية الشهيرة، ولكن على طقوس هذه العملية.

    أتذكر جيدا وأنا صغير كيف كانت أمي تجمع جاراتنا ويخبزن معا الكحك، وكنت أنا وغيري من الأطفال نتفنن في نقش أقراص الكحك "أو عكها كما كانت أمهاتنا تقول إننا نفعل"، كانت من أجمل اللحظات أن أجلس مع أمي في بيتنا وأدور لها ماكينة طحن العجين لتقطع هي أصابع البسكوت ونحن نستمع لأغنية "والله لسه بدري يا شهر الصيام".

    كما كانت بسمة تنتظر فانوسا صغيرا في بداية رمضان يسعد الطفلة داخلها، وكما كانت على شفى الإنفجار حزنا لعدم شراء

    من كحك العيد
  • لبس العيد، إنه أمر مقدس لدى الكثير من الأسر المسلمة ليس في مصر وحدها، إنه أحد مظاهر الفرحة والسرور خلال عيد الفطر أن يرتدي الأطفال والكبار ملابس جديدة وهم ذاهبون لصلاة العيد، تخليت عن هذا الحق طواعية في فترة المراهقة كشكل من أشكال الخروج عن أحكام الأهل في الطفولة.
    ولكني منذ عرفت بسمة وأنا أدرك أهمية "لبس العيد" بالنسبة لها، وباعتباري أرى في نفسي المسؤول الأول عن كل ما في حياتها حضرت نفسي جيدا من قبل رمضان لهذه المهمة، فقلت لها قبل بداية الشهر الكريم "بسمة ما رأيك أن نخرج سويا لاختيار لباسك للعيد؟" ردت باستغراب المخلوط ببعض السعادة "يا حبيبي شكرا، لكن أليس مبكرا جدا؟".
    "مبكرا؟" في الحقيقة أنا أحب الإعداد للأمور مبكرا، ورغم صعوبة الأمر على أي رجل للخروج للتسوق، إلا أني كنت الح عليها كل يومين "يا بسمة لماذا لا نتسوق الآن لأجل رداءك في العيد" كان مبررها الدائم الواهي بالنسبة لي هو "لسه بدري"، ولماذا علينا الانتظار حتى وقت خروج الجميع للتسوق فتزدحم الشوارع وتشح البضائع.
    ردود بسمة كانت تجعلني دوما حانق، فأنا أعرف أنها في النهاية ستريد لبسا جديدا للعيد، وحينها سيكون قد فات الأوان،

    من "عند" العيد
  • بضعة أيام تفصلنا عن عيد الفطر المبارك وسأسمع أم كلثوم  تغني في التلفزيون "يا ليلة العيد أنستينا وجددتي الآمال فينا يا ليلة العيد". يالفرحتي، إذا حان الوقت لشراء ملابس العيد.

    قبل أن أتزوج، كنت أخرج مع صديقاتي أو أختي العزيزة لشراء ملابس جديدة تليق بفرحة العيد، لكن الأمر مختلف هذا العام، فأمير سيصطحبني، لذا ففرحتي ستكون فرحتان، فرحة أول مرة سيذهب معي فيها لشراء ملابس العيد، وفرحة الملابس الجديدة طبعا.

    ذهبت لأمير الذي كان يقرأ الصحيفة في غرفة المعيشة، وسألته وعلى وجهي ابتسامة عريضة: "متى سنذهب لشراء ملابس العيد؟"، لكن  زوجي العزيز رد بكلمة واحدة: "لا"، لم أفهم، فقلت: "لا ماذا؟ ألم تسمعني؟ أسألك عن موعد شراء ملابس العيد"، قال ببساطة: "سمعتك، أقول لا لن نذهب"، واكمل قراءة جريدته.

    طبعا اشتطت غضبا، لا أحب أبدا أن يقال لي "لا" وكفى، تثير أعصابي تلك الكلمة، هناك طرقا أكثر لطفا لرفض طلبا ما، بالإضافة لضرورة ذكر أسباب الرفض على الفور، أما "لا" والسكوت فلا وألف لا.
     أزحت الجريدة من أمامه وأنا أقول: "ماذا تعني بلا؟"، رد وقد لاحظ احتداد نبرة صوتي: "لست معترضا على مبدأ شراء الملابس، لكن أنا معترض

    من لبس العيد بعد العيد!
  • إجمد يا أمجد

    بعدما دعوت زوجتي لحضور إفطار الشركة معنا تذكرت المأزق الذي وضعت نفسي فيه، أنا أحب مشاركة بسمة لي في كل شيء، لكن إفطار شركتنا فيه معضلة بسيطة لعكلم تعرفتم عليها بقلم زوجتي، نعم إنها منال، لكن هناك مشكلة أكبر تخصني أنا، إنه أمجد.
    كانت بسمة تعمل في نفس شركتي قبل انتقالها إلى شركة أخرى، ما يعني أن هناك الكثير من الأصدقاء المشتركين بيننا بحكم الزمالة السابقة، ورغم معرفة بسمة محاولة منال معي من قبل زواجنا ورفضي لها، إلا أنها كانت لا تطيق اجتماعي بها في مكان واحد، وبالفعل كانت تصرفات بسمة خلال الإفطار غريبة بعض الشيء.
    لكني لم أصب تركيزي على بسمة ومنال وحربهما السخيفة المضحكة، ما كان يهمني ذلك الأستاذ أمجد، عمل ضيفنا الثقيل في هذه الحلقة مع بسمة قبل انضمامي للشركة، وكثيرا ما يردد أمامي أن بسمة تعودت على فعل كذا وكذا، وكأنه يحاول إظهار معرفته بها أكثر مني.
    أمنع نفسي كثيرا من الانزلاق إلى تفاهاته، أذكر أول يوم لنا في الشركة بعد خطبتنا عندما هممت بإعداد كوب النسكافيه لبسمة ووجدني أصب اللبن في كوبها فقال بصوت عال "توء توء توء... بسمة لا تشربه باللبن، شكلك مستجد، اعطني الماج أنا أعرف الطريقة التي
    من إجمد يا أمجد
  • تصرفات منال المستفزة أثارت غضب بسمة

    وصلنا إلى الفندق الذي تقيم فيه شركة أمير إفطارها، سلمنا على جميع الموظفين الذين أعرف معظمهم، ومن بعيد لاح وجه منال.

    منال..تلك المرأة التي مرت بعلاقات كثيرة فاشلة، وأصبحت هواياتها اصطياد الرجال، وقد حاولت من قبل مع أمير قبل خطبتنا، لكن الحمد لله باءت محاولتها معه بالفشل، لكن هذا لا يمنعها من المحاولة من حين لأخر، لهذا كنت أكرهها بشدة.، ولا أحب وجودها بالقرب من أمير على الإطلاق.

    بعد الإفطار، قلت لأمير أني سأذهب لأحضر شيئا لأشربه، لكن الحقيقة أني كنت أريد أن ابتعد لأرى ماذا ستفعل منال عندما ترى أمير وحده، فهي لم تأت لتسلم علينا عندما دخلنا إلى الفندق. وطبعا صح توقعي، رأيتها تلتفت يمينا ويسارا لتتأكد من عدم وجودي، ثم اتجهت إليه. وظللت أنا من بعيد أراقبهما كالصقر.
    لا تسيئوا فهمي. أثق بأمير جدا، وهي ثقة ليست مبنية على مجرد كلام أو عواطف فقط، لا بالطبع، فمي ثقة مبنية على الفعل، إذ كنت قد أعددت له عدة اختبارات أثناء خطبتنا وكنت أراقب ردة فعله، والحمد لله نجح بامتياز مع مرتبة الشرف، وحتى عندما تزوجنا، وكان يسافر بلادا أخرى، لم يتغير نحوي قيد أنمله، وأي امرأة لديها القدرة على أن تشم رائحة انشغال

    من جرب نار الغيرة
  • على ضوء الشموع
    أغلب الدول العربية تعاني انقطاعات شبه دائمة للتيار الكهربائي إلا من رحم ربي، مصر مؤخرا صارت تنافس على الريادة في هذا المجال، وبيتنا الصغير لم يكن بمنأى عن هذه الظلمة التي تزور بيوت المصريين مؤخرا بكثرة.
    المشكلة أن التيار الكهربائي انقطع في بيتنا فترة طويلة في ذلك اليوم، وأنا عائد إلى منزلنا صادفني تعطل المصعد فأخذت طريقي إلى الطابق الثامن على السلالم وأنا أدعو الله أن لا تكون بسمة قد انطلقت في نوبة الهلع التي تصيبها مع أي مفاجأة غير سارة.
    دلفت البيت مسلما فلم أجد ردا، أمسكت هاتفي وعرفت من بسمة أنها في الطريق، أخفيت عنها الخبر المفجع، واستحلفتني أن آخذ قيلولتي لكي أتمكن من الخروج معها ليلا لنتسحر معا بالخارج، أعجبتني الفكرة أولا لكي نخرج ونغير جو بعد انقطاع الكهرباء وثانيها أني لن أدرك اللحظة الفارقة وبسمة تكتشف انقطاع التيار.
    وأنا آخذ قيلولتي سمعت صوت أشياء تقع وأبواب تغلق بشدة، وهيء لي أن معركة تدور في المطبخ، هببت مسرعا لأجد بسمة جالسة على أرضية المطبخ وكلها غضب وعلى وشك الانفجار في البكاء، "ماذا بك يا بنت الحلال"، أ    خذت تشكو ما حل بنا من انقطاع التيار، فقد فسد ما في جعبتنا من لحم

    من أميررررر... أنا بخاف من الضلمة!

  • اللعنة..اللعنة بجد يعني..
    وصلت لمنزلي متأخرة بسبب زحمة المواصلات فدلفت للمطبخ بسرعة لتحضير الإفطار، لكن ما ان فتحت ثلاجتنا اكتشفت أن معظم طعامنا المجمد قد فسد بسبب الانقطاع المتكرر للتيار الكهرباء طوالي الأيام الماضي، كدت ألعن شركة الكهرباء وكل القائمين عليها لكني تمالكت أعصابي وقلت "اللهم أني صائمة"، بدأت أفكر أن الحل الأسهل والأسرع هوتحصير معكرونة بالصلصة، وضعت المعكرونة على النار ووضعت الطماطم في الخلاط، وما أن ضغطت زر التشغيل حتى انقطع التيار الكهربائي مرة أخرى، بالطبع جن جنوني، اعتقد أن صيامي ضاع يومها على كل المسئولين.
    كان زوجي نائما لكنه استيقظ على صوتي الغاضب سائلا عما هنالك، فأخبرته بما حدث، فقال هادئا لا مشكلة، أثارني هدوءه بالطبع فقلت غاضبة "المغرب سيؤذن خلال نصف ساعة، ماذا سنفعل الآن؟ هل نطلب دليفري؟"، لكن زوجي رفض الفكرة وقال إننا نسكن في الدور الثامن "كيف سيصعد عامل توصيل الطلبات إلينا والمصعد معطل بسبب انقطاع الكهرباء!"، رددت وأنا نافذة الصبر "إذا لا إفطار اليوم؟"، فقال زوجي مبتسما: "عزيزتي لما كل هذه العصبية، ليس مهما أن نطبخ اليوم، عيش وجبن وقطع خيار يكفي".

    كان زوجي

    من إفطار على ضوء الشموع
  • حماتي أخذت بثأر ابنتها مني

    اليوم الأول من رمضان كان منافسة بين عائلتي وعائلة زوجتي في إظهار المودة لكلينا، والدتي أخذت تتود إلى بسمة، وأهلها كانوا ينادوني بابني أمام أهلي، كل عائلة أرادت إظهار صورتها المثالية.
    ومع مرور الأيام الرمضانية جاءت الجولة الثانية من المنافسة، لكن على أرض المنافس، بدأت بدعوة أمي لنا على مائدة الإفطار، في يوم كان مفاجأته أن ابنة خالتي الزوجة المثالية بالنسبة لأمي كانت ضيف الشرف، وفهمت أن أمي حضرت لزوجتي يوم حمواتي من الطراز الأول.
    ظلت الكلمات تتطاير من هنا إلى هنا، وأنا أحاول الزود عن زوجتي بكلمة مضادة أو ابتسامة صفراء أو مداعبة مستترة مع أمي، إلى أن عدنا إلى بيتنا وانفجرت بسمة غاضبة "عاجبك عمايل والدتك".
    صراحة لم تكن تعجبني، وتقمصت دور كوفي أنان كمبعوث سلام بين الطرفين، ولكن المحاولات باءت بالفشل، أعقبه تطور خطير في الأحداث، تلقيت دعوة مضادة، أقصد مماثلة من أهل زوجتي لتناول الإفطار معهم.
    ابتعلت ريقي وأنا أبتسم وأحضر نفسي للمصير المحتوم، فزوجتي بعدما عادت من معركتها مع أمي دخلت في مكالمة هاتفية طويلة مع أمها نقلت فيها تفاصيل ما حدث خاصة دعاء أمي برزقي بالزوجة الصالحة.
    بداية

    من استرجل وزور حماتك
  • زيارة لابد منها إلى منزل حماتي

    دعتنا والدة زوجي للإفطار في بيتها، وكنت قد حفظت عن ظهر قلب كل تعليقاتها المتهكمة علي وعلى طريقة طهيي للطعام، بل وكل ما أفعله بشكل عام، ولذا أعددت نفسي نفسيا للزيارة أملة أن تنتهي على خير بدون أن تبتكر حماتي أسلوبا جديدا لمضايقتي.

    وكما توقعت، ما أن دلفنا من باب الشقة حتى قالت حماتي لزوجي وهي تعانقه: "ولدي الحبيب، وجهك يبدو شاحبا، يبدو أنك لا تأكل جيدا" ثم نظرت إلى نظرة ترجمتها بسهولة إلى: "طبخك السئ يسد نفسه عن الأكل"، فرد زوجي عليها وقال: "أنت تقولين نفس الشئ كل مرة ترينني فيها"، فقالت وهي تقودنا للداخل: "منذ تزوجت وأنا أراك شاحبا".

    وما أن دخلنا حتى فوجئت بوجود ابنة خالته، تلك الفتاة التي كانت تريد والدة زوجي أن تزوجها إياه لكن زوجي رفض واختارني أنا، فكانت تعاقبني كلما سنحت لها الفرصة، والتي بدت لها ذهبية الآن، فوجدتها تقول له: "ابنة خالتك جاءت مخصوص عندما علمت بقدومك، لقد صنعت لك اليوم المحشي الذي تحبه وصينية البطاطس باللحم، ستأكل صوابعك معاهم".
    ويبدو أن زوجي قد لاحظ الشياط المتصاعد من رأسي لأني وجدته يميل على أذني ويقول: "هدي أعصابك يا حبيبتي". ابتسمت وجلست انتظر الضربة التالية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اجمل الكلمات محمد عبده

احذر لا تجمع حسنات فى كيس مثقوب